في خطوة استراتيجية تعكس رؤية دولة الإمارات للمستقبل، أعلنت الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ عن حزمة واسعة من التعديلات على أنظمة التأشيرات والإقامات، تضمنت استحداث أربع فئات جديدة من تأشيرات الزيارة، واعتماد إقامات خاصة لفئات إنسانية واجتماعية، إلى جانب وضع تنظيم أكثر وضوحًا لمدد الإقامة وصلاحيات التمديد.
وتسعى الإمارات من خلال هذه التعديلات إلى تحويل نظام التأشيرات من مجرد أداة تنظيمية مرتبطة بالهجرة والسفر، إلى أداة استراتيجية تعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتدعم مكانة الدولة كوجهة استثمارية وسياحية وإنسانية على مستوى العالم.
أربع فئات جديدة للزيارة
أحد أبرز جوانب هذه التعديلات كان استحداث أربع فئات نوعية من تأشيرات الزيارة، وهي:
-
المتخصصون في الذكاء الاصطناعي: بما يتماشى مع رؤية الإمارات للتحول الرقمي واستقطاب الكفاءات العالمية في هذا المجال الحيوي.
-
الترفيه والفعاليات: لتأكيد مكانة الدولة كعاصمة إقليمية للأنشطة الثقافية والفنية والرياضية.
-
السفن السياحية واليخوت: لدعم السياحة البحرية المتنامية وتعزيز دور الموانئ الإماراتية في هذا القطاع.
-
الرعاية العائلية والعلاج السياحي وحالات الزواج: لتوفير حلول قانونية وإنسانية خاصة بالأوضاع الاجتماعية والصحية للأسر.
ويؤكد خبراء أن هذا التنوع في الفئات يعكس رؤية شاملة تستهدف استقطاب مختلف الشرائح، من المبدعين والمتخصصين إلى السياح والمستثمرين وحتى الأفراد الذين يواجهون ظروفًا أسرية خاصة.
إقامات إنسانية واجتماعية
كما شملت التعديلات اعتماد إقامة إنسانية لمدة عام يمكن تجديدها بقرار من لجنة مختصة، وذلك للأفراد الذين يواجهون ظروفًا خاصة. إضافة إلى ذلك، تم اعتماد إقامة مخصصة للأرامل والمطلقات الأجنبيات لمدة عام قابلة للتجديد، في خطوة تعكس البعد الإنساني في التشريعات الإماراتية، وتراعي الأوضاع الشخصية للفئات الأكثر ضعفًا.
دعم الروابط العائلية والاجتماعية
وحرصت التعديلات على تعزيز البنية الاجتماعية من خلال السماح بمنح تأشيرة زيارة صديق أو قريب حتى الدرجة الثالثة، على أن تستند إلى دخل الضامن. ويرى محللون أن هذا التوجه يسهم في توطيد العلاقات الأسرية والاجتماعية داخل المجتمع المتعدد الجنسيات في الإمارات.
تشجيع الاستثمار وريادة الأعمال
ومن أبرز ما جاء في التعديلات استحداث تأشيرة استكشاف فرص تأسيس الأعمال، التي تتيح للمستثمرين ورواد الأعمال دراسة السوق المحلي قبل الدخول في مشاريع جديدة. وتشترط هذه التأشيرة إثبات القدرة المالية على إنشاء شركة جديدة، أو امتلاك حصة في شركة قائمة خارج الإمارات، أو ممارسة مهنة احترافية.
تنظيم قطاع النقل
كما تضمنت التعديلات إدخال تأشيرة خاصة بسائقي الشاحنات، تشترط وجود كفيل وضمانات مالية وصحية، في خطوة تعكس أهمية قطاع النقل البري في التجارة الإقليمية، وتؤكد حرص الدولة على حماية حقوق العاملين في هذا المجال الحيوي.
وضوح أكبر في مدد الإقامة
وضعت القرارات الجديدة جداول دقيقة تحدد مدد الإقامة المصرح بها لكل نوع من التأشيرات، مع بيان صلاحيات التمديد بشكل واضح. ويرى مراقبون أن هذا التنظيم سيقلل من التعقيدات الإدارية، ويسهم في تعزيز الشفافية أمام الأفراد والشركات.
ستة أنواع من الإقامات لغير العاملين
أوضحت الهيئة أن هناك ستة أنواع من تأشيرات الإقامة الموجهة لغير العاملين، وهي:
-
الإقامة الإنسانية لمدة عام قابل للتجديد.
-
إقامة الأرملة أو المطلقة الأجنبية لمدة عام قابل للتجديد.
-
إقامة الدراسة والتعليم للطلبة المسجلين في المؤسسات التعليمية.
-
إقامة التقاعد للمقيمين كبار السن الذين يتمتعون بملاءة مالية.
-
إقامة المستثمر أو صاحب العقار لدعم السوق العقاري.
-
إقامة العائلات الخاصة بالأزواج والأبناء لتوفير الاستقرار الأسري.
ضبط السوق والتحذير من إساءة الاستخدام
وفي الوقت الذي تم فيه الإعلان عن هذه التسهيلات، شددت الجهات المختصة على ضرورة الالتزام باستخدام التأشيرات في الأغراض المخصصة لها، محذرة من إساءة استغلال التأشيرات السياحية أو الزيارة للعمل بشكل غير قانوني، مؤكدة استمرار الرقابة لضمان الالتزام بالقوانين.
رؤية مستقبلية
يرى خبراء أن هذه التعديلات تمثل ركيزة أساسية في استراتيجية الإمارات لتكون وجهة عالمية تستقطب العقول والكفاءات، وتدعم السياحة البحرية والثقافية، وتعزز البيئة الإنسانية والاجتماعية، فضلًا عن توفير مناخ استثماري جاذب. وبذلك، يتحول نظام التأشيرات إلى أداة من أدوات القوة الناعمة، تعكس انفتاح الدولة على المستقبل وترسيخ مكانتها كمركز عالمي رائد.
