في خطوة هي الأولى من نوعها منذ تأسيسها عام 1964، وافق المجلس المركزي لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» على استحداث منصب “نائب الرئيس”، في قرار يُعدّ مؤشراً على تغييرات هيكلية تهدف إلى تعزيز استمرارية المنظمة وسط الضغوط والتحديات الراهنة.
وقال عضو المجلس المركزي، رزق نمورة، إن المجلس صوّت لصالح استحداث المنصب، على أن يحدد الرئيس هوية النائب لاحقاً. وقد صوّت 170 عضواً لصالح القرار، فيما رفضه عضو واحد وامتنع آخر عن التصويت.
وينص القرار الجديد على أن يتم تعيين نائب رئيس اللجنة التنفيذية من بين أعضاء اللجنة التنفيذية البالغ عددهم 16 عضواً، عبر ترشيح من رئيس اللجنة ومصادقة الأعضاء. ويمنح القرار الرئيس صلاحية تكليف النائب بمهام محددة أو إعفائه من المنصب أو قبول استقالته.
انقسامات سياسية ومقاطعات
جاء الاجتماع في ظل مقاطعة أربع فصائل فلسطينية، من بينها الجبهة الشعبية والمبادرة الوطنية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب، التي اعتبرت الاجتماع غير شرعي ونتاج ضغوط خارجية. وشددت الفصائل على غياب الحوار الوطني قبل انعقاد المجلس.
في المقابل، انتقدت حركة «حماس» الخطوة بشدة، ووصفتها بأنها تعمق الانقسام الفلسطيني، وتُكرّس التفرد بالقرار الوطني. كما أعربت عن رفضها لما وصفته بـ”المسار الأحادي”، مطالبة بإعادة بناء المنظمة على أسس ديمقراطية، وإجراء انتخابات شاملة في الداخل والخارج.
رؤية الرئيس عباس
الرئيس محمود عباس كان قد صرّح مراراً برغبته في إنشاء هذا المنصب، معتبراً أن استمرار السلطة الفلسطينية يجب أن يكون مضموناً، حتى بعد رحيله. وأوضح أن الغرض من استحداث “نائب الرئيس” هو منع حدوث فراغ سياسي محتمل في المستقبل.
ويأتي القرار وسط تغييرات أوسع في هيكل السلطة الفلسطينية، بدأت في الأسابيع الأخيرة استجابة لضغوط محلية ودولية، لا سيما في ظل الحرب الدائرة في غزة والتحديات التي تواجه السلطة في الضفة الغربية.
ومع أن نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير سيشغل أيضًا منصب نائب رئيس دولة فلسطين، إلا أن ذلك لا يعني توليه مهام رئيس السلطة الفلسطينية بشكل تلقائي، إذ يشترط القانون الأساسي أن يتم انتخاب الرئيس عبر اقتراع شعبي مباشر.
تعقيدات قانونية ودستورية
بعد حلّ المجلس التشريعي في 2018، أصدر عباس مرسوماً ينص على أن رئيس المجلس الوطني الحالي، روحي فتوح، هو من يتولى منصب الرئيس مؤقتاً في حال شغور المنصب، ما يضيف طبقة أخرى من التعقيد القانوني والدستوري في ظل غياب انتخابات تشريعية منذ سنوات.
وتُعد هذه الخطوة جزءًا من محاولة السلطة إعادة تشكيل بنيتها السياسية، مع استمرار الجدل الداخلي حول مستقبل النظام السياسي الفلسطيني وموقع المنظمة في المشهد الإقليمي والدولي.